الأربعاء، 26 مايو 2010

الهاجس الأمني يثير جدلا بالإمارات

شهدت الإمارات مؤخرا جدلا بسبب إجراءات وصفها خبراء بأنها إعلاء "غير مبرر" للهاجس الأمني، ورآى آخرون أنها تتماشى مع ما تعيشه المنطقة من تحديات إقليمية وما شهدته الإمارات من جرائم ذات بعد دولي.

الإجراءات بدأت بحجب أحد منتديات الحوار, وبقرار للهيئة الاتحادية للموارد البشرية بإلزام المؤسسات الحكومية بالحصول على الموافقة الأمنية قبل إجراءات التوظيف والتعيين والترقية بمختلف الدرجات الوظيفية.

وتلا ذلك قرار لوزارة الداخلية بمنع دخول مقاهي الإنترنت إلا ببطاقة الهوية من أجل محاربة الجرائم الإلكترونية والحد من ظاهرة استغلال الأطفال إلكترونيا.

ووصفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قرار الهيئة الاتحادية للموارد البشرية بالقرار البوليسي، داعية للتراجع عنه. ورأت منظمة مراسلون بلا حدود فى قرار التحقق من هوية مستخدمي الإنترنت العام "خطرا يتهدد حرية التعبير وهدفه هو مراقبة مستخدمي الإنترنت".

وطالب خبير في الشؤون الإماراتية -رفض ذكر اسمه- بضرورة قراءة تلك الإجراءات في ضوء العديد من الاعتبارات المحلية والإقليمية، موضحا للجزيرة نت أن الإمارات شهدت مؤخرا جرائم تداخلت في أبعادها الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية.

وأشار المتحدث إلى مقتل سوزان تميم في دبي، واغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح والشيشاني يامادييف في دبي، والكشف عن محاولات اختراق للمصرف المركزي الإماراتي، والإعلان عن توقيف عناصر إماراتية بتهمة تحويل أموال لحركة طالبان الأفغانية.

إيران والخليج

أما على الصعيد الإقليمي فإن التطورات البينية في العلاقات الخليجية الإيرانية ساهمت -بحسب الخبير- بدور كبير في تشكيل الرؤية والتوجه الإماراتي، مضيفا أن الكشف عن شبكة تجسس بالكويت مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى دور الإمارات المتوقع في إقرار العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي، كل ذلك دفع بالسياسات الإماراتية إلى "تنمية الدافع الأمني" في سياق إطار إقليمي أعم يعلي بدوره من شأن الإجراءات الأمنية.

وأكد الخبير من جانب آخر أنه لا يمكن وضع الإجراءات الأمنية الجديدة في بوتقة واحدة، قائلا بأن شرط بطاقة الهوية لاستخدام الإنترنت مرتبط بتنامي الجريمة الإلكترونية في الإمارات.

أما الاشتراطات الأمنية بالتعيينات فصفنها ضمن المعمول بها في العديد من الدول العربية خاصة بعد الكشف عن تورط إماراتيين وأفغاني بتهمة تمويل حركة طالبان.

بالمقابل رأى المستشار القانوني عبد الحميد الكميتي في تزايد البعد الأمني "رد فعل طبيعيا للانفتاح غير الطبيعي وغير المدروس والتساهل في قانون الدخول وإقامة الأجانب".

وذكر للجزيرة نت أن هذا الانفتاح أفرز ضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية خصوصا بعد تزايد الأصوات في المجتمع الإماراتي للاهتمام بموضوع التركيبة السكانية وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل بين المواطنين.
الرقابة مرفوضة

وأكد الكميتي من جهة أخرى ضرورة ألا تتعارض تلك الإجراءات مع حقوق وحريات الأفراد وخاصة من أبناء الدولة، مؤكدا رفضه لأن تمارس الرقابة لمعاقبة المواطن على انتمائه الفكري وخلفيته الدينية، في إشارة لقرار الموافقة الأمنية على توظيف مواطني الدولة.

من جهتها رفضت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة ابتسام الكتبي كافة تلك الإجراءات جملة وتفصيلا، مؤكدة أنها ضد فكرة المنع لأنها تتقاطع مع حريات الأفراد.

ووجهت حديثها للجهات الأمنية بالقول بأن اليقظة الأمنية مطلوبة، ولكن ليس باتخاذ قرارات وصفتها بأنها "حق يراد به باطل" يستطيع من ينفذها أن يصادر الحريات ويجرم من يشاء لمجرد الاشتباه.

ودعت الكتبي إلى ما أسمته بالاحتياط من المنبع بإعادة النظر بقانون منح التأشيرة، والتأكد من الملف الأمني لمن يريد الدخول إلى البلد، وليس بفرض الرقابة على المقيمين بالدولة.

في حين رأى المدون الإماراتي والناشط الحقوقي أحمد منصور فيما يجري بأنه "نوع من العسكرة وإعلاء للهاجس الأمني من قبل الجيل الجديد من قادة الدولة".

وأكد أن قرار الموافقة الأمنية على التوظيف "نوع من الفلترة لمنع أشخاص لهم انتماءات فكرية ورؤى مغايرة للرؤى الأمنية من الوصول للمناصب القيادية بالدوائر الحكومية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق