الثلاثاء، 18 مايو 2010

وداعاً للمكتبات

إذا كنت من الشغوفين بالقراءة، أو حتى من هواة اقتناء الكتب وتكديسها كما يفعل البعض، فإنك لم تعد مضطراً للذهاب إلى المكتبات، ولا حاجة لأن تتحمل عناء الزحام في معارض الكتاب وتتعب عينيك بتأمل العناوين والأغلفة للعثور على مبتغاك. ما البديل إذن؟

ببساطة شديدة، أصبحت الإنترنت هي البديل الأسهل، بل والمجاني، والأرجح أن مواقع التسويق الإلكتروني للكتب قد بدأت تفقد زبائنها بالتدريج، خصوصاً في المناطق والدول التي لا يطبق فيها قانون الملكية الفكرية، والفضل في ذلك يعود إلى متطوعين، وأحياناً قراصنة، يقومون بإتاحة الكتب الحديثة والقديمة عبر مواقع إلكترونية مخزنية ذات مساحات هائلة.

ومعلوم أن هذه المخازن الافتراضية أنشئت لخدمة متصفحي الإنترنت، بغرض تخفيف العبء عن المواقع والمنتديات، عبر توفير «سيرفرات» لتحميل ومشاركة الملفات ذات المحتوى الإلكتروني الشخصي، ولم يكن يخطر على البال أنها ستتحول على يد بعض المستخدمين إلى أوعية لتبادل وعرض منتوجات مهربة تندرج ضمن الصناعات الثقافية.

إلى وقت قريب، كانت التعارضات بين العالمين الافتراضي والواقعي محصورة في الجانب النفسي من جهة تأثر سلوك المدمنين في الإبحار في الإنترنت ساعات طويلة، أما الآن فيبدو أن الصدام بين هذين العالمين بدأ يتخذ شكل تمرد الخيال على الواقع.

ولا ينحصر الأمر في الكتب فحسب، لأن مخازن الإنترنت المشاعة تستوعب كذلك ملفات الميديا والوسائط البصرية والسمعية وبرامج الحاسوب، فلا يتطلب الحصول على أحدث أفلام السينما العالمية سوى المهارة في استخدام محركات البحث للوصول إلى الهدف بأسرع وقت ممكن.

على المستوى العربي يجتهد الآن عدد من الشباب لتكوين مكتبات مجانية على الشبكة العالمية، ولا يخلو هذا الاجتهاد العشوائي من التنافس على تحقيق أرقام قياسية في عدد الكتب، من دون وضع اعتبار للفهرسة حسب حقول التأليف، فتجد كتب ابن تيمية تتخلل أعمال أنيس منصور، وكتاب الحيوان للجاحظ يتوسط روايات ماركيز!

اللافت أن المدونات والمواقع المعنية بهذا النشاط تضم إلى فهارسها أحدث الروايات والإصدارات العربية أو المترجمة، ولم تعد المكتبات ودور النشر تنفرد بمطبوعاتها إلا أسابيع قليلة، ثم تنتقل إلى فضاء الإنترنت المفتوح.

لا أحد يعرف كيف ستتعامل دور النشر مع هذا النوع من القرصنة، بينما يعتبرها القارئ فرصة ثمينة لمصلحته.

يمكن القول إن هذه التطورات ستجعل من عبارة «حقوق الطبع محفوظة» مجرد تحذير انتهت صلاحيته، وذلك سيقود دور النشر حتماً إلى التخلي عن النشر الورقي والانتقال إلى النشر الإلكتروني.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق